كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال في الحكم‏:‏ ورود الفاقات أعياد المريدين، الفاقات بسط المواهب إن أردت ورود المواهب عليك صحح الفقر والفاقة لديك ‏{‏إنما الصدقات للفقراء‏}‏ تحقق بأوصافك يمدّك بأوصافه، تحقق بذلك يمدك بعزه، تحقق بعجزك يمدك بقدرته، تحقق بضعفك يمدك بحوله‏.‏

- ‏(‏طب عن فضالة بن عبيد‏)‏ قال الهيثمي رجاله ثقات‏.‏

1501 - ‏(‏اللّهم إني أسألك الثبات في الأمر‏)‏ أي الدوام على الدين والاستقامة بدليل خبر أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان كثيراً ما يقول ثبت قلبي على دينك أراد الثبات عند الاحتضار أو السؤال بدليل خبر أنه كان إذا دفن الميت قال سلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ولا مانع من إرادة الكل‏.‏ ولهذا قال الوالي‏:‏ الثبات التمكن في الموضع الذي شأنه الاستزلال وأسألك عزيمة الرشد وفي رواية العزيمة على الرشد قال الحرالي‏:‏ وهو حسن التصرف في الأمر والإقامة عليه بحسب ما يثبت ويدوم‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ العزيمة عقد القلب على إمضاء الأمر وقال غيره‏:‏ العزيمة القصد الجازم المتصل بالفعل وقيل استجماع قوى الإرادة على الفعل والمكلف قد يعرف الرشد ولا عزم له عليه فلذلك سأله قال الطيبي‏:‏ فإن قلت من حق الظاهر أن يقدم العزيمة على الثبات لأن قصد القلب مقدم على الفعل والثبات عليه ‏(‏قلت‏)‏ تقديمه إشارة إلى أنه المقصود بالذات لأن الغايات مقدمة في الرتبة وإن كانت مؤخرة في الوجود ‏(‏وأسألك شكر نعمتك‏)‏ ‏[‏ص 131‏]‏ أي التوفيق لشكر إنعامك ‏(‏وحسن عبادتك‏)‏ أي التوفيق لإيقاع العبادة على الوجه الحسن المرضي شرعاً ‏(‏وأسألك لساناً صادقاً‏)‏ أي محفوظاً من الكذب وفي رواية قلباً سليماً أي خالياً من العقائد الفاسدة والميل إلى اللذات والشهوات العاجلة ويتبع ذلك الأعمال الصالحة إذ من علامة سلامة القلب تأثيرها في الجوارح كما أن صحة البدن عبارة عن حصول ما ينبغي عن استقامة المزاج والتركيب والاتصال ومرضه عبارة عن زوال أحدها ‏(‏وقلباً حليماً‏)‏ بحيث لا يقلق ولا يضطرب عند هيجان نار الغضب وغيره من النوازل ‏(‏وأعوذ بك من شر ما تعلم‏)‏ أي ما تعلمه أنت ولا أعلمه أنا ‏(‏وأسألك من خير ما تعلم‏)‏ قال الطيبي‏:‏ وما موصولة أو موصوفة والعائد محذوف ومن يجوز كونها زائدة أو بيانية والمبين محذوف أي أسألك شيئاً هو خير ما تعلم أو تبعيضة، سأله إظهاراً لهضم النفس وأنه لا يستحق إلا قليلاً من الخير وهذا سؤال جامع للاستعاذة من كل شر وطلب كل خير وختم هذا الدعاء الذي هو من جوامع الكلم بالاستغفار الذي عليه المعول والمدار فقال ‏(‏وأستغفرك مما تعلم‏)‏ أي أطلب منك أن تغفر لي ما علمته مني من تقصير وإن لم أحط به علماً ‏(‏إنك أنت علام الغيوب‏)‏ أي الأشياء الخفية الذي لا ينفذ فيها ابتداء الأعم اللطيف الخبير وفي بعض الروايات قيل يا رسول اللّه أنستغفر مما لا نعلم قال وما يؤمنني والقلب بين إصبعين من أصابع الرحمة يقلبه كيف يشاء واللّه يقول ‏{‏وبدا لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون‏}‏‏.‏

- ‏(‏ت ن عن شداد بن أوس‏)‏ ورواه عنه أيضاً الحاكم وصححه قال الحافظ العراقي‏:‏ قلت بل هو منقطع وضعيف‏.‏

1502 - ‏(‏اللّهم لك أسلمت وبك آمنت‏)‏ أي لك انقدت وبك صدقت‏.‏ قال النووي‏:‏ فيه إشارة إلى الفرق بين الإسلام والإيمان ‏(‏وعليك توكلت‏)‏ أي عليك لا على غيرك اعتمدت في تفويض أموري ‏(‏وإليك أنبت‏)‏ أي رجعت وأقبلت بهمتي ‏(‏وبك خاصمت‏)‏ أي بك أحتج وأدفع وأخاصم ‏(‏اللّهم‏)‏ إني أعوذ بعزتك أي بقوة سلطانك ‏(‏لا إله إلا أنت أن تضلني‏)‏ أي تهلكني بعدم التوفيق المرشاد، والتوفيق على طرق الهداية والسداد وفي الصحاح ضل الشيء ضاع وهلك وضله إذا لم يوفقه للرشاد انتهى وكلمة التهليل معترضة ‏(‏أنت الحي القيوم‏)‏ أي الدائم القائم بتدبير الخلق ‏(‏الذي لا يموت‏)‏ بلفظ الغائب للأكثر وفي بعض الروايات بلفظ الخطاب أي الحي الحياة الحقيقية التي لا يجامعها الموت بحال ‏(‏والجن والإنس يموتون‏)‏ عند تقضي آجالهم، وكلمة تضلني متعلقة بأعوذ أي من أن تضلني وكلمة التوحيد معترضة لتأكيد العزة واستغنى عن ذكر عائد الموصول لأن نفس المخاطب هو المرجوع إليه ليحصل الارتباط ومثله أنا الذي سمتني أمي حيدرة ولا حجة فيه لمن استدل به على عدم موت الملائكة لأنه مفهوم لقب ولا عبرة به وعلى تقديره فيعارضه ما هو أقوى منه وهو عموم قوله ‏{‏كل شيء هالك إلا وجهه‏}‏ مع أنه لا مانع من دخولهم في مسمى الجن بجامع ما بينهم من الاجتنان عن عيون الناس والحياة حقيقة في القوة الحاسة أو ما يقتضيها وبه سمي الإنسان حيواناً مجازاً في القوة النامية لأنها من طلائعها ومقدماتها وفيما يخص الإنسان من الفضائل كالعلم والعقل والإيمان من حيث أنها كمالاتها ومتمماتها والموت بإزائها وإذا وصف بها البارىء أريد بها صحة اتصافه بالعلم والقدرة اللازمة لهذه القوة فينا أو معنى قائم بذاته يقتضي ذلك على الاستعارة‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قضية كلام المصنف أن هذا من مفردات ‏[‏ص 132‏]‏ مسلم عن صاحبه وليس كذلك فقد رواه البخاري في التوحيد عن ابن عباس‏.‏

1503 - ‏(‏اللّهم لك الحمد كالذي نقول‏)‏ بالنون أي كالذي نحمدك به من المحامد ‏(‏وخيراً مما نقول‏)‏ بالنون أي مما حمدت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ‏(‏اللّهم لك‏)‏ لا لغيرك ‏(‏صلاتي ونسكي‏)‏ عبادتي أو ذبائحي في الحج والعمرة ونص عليه لأن ذبائح الجاهلية كانت بأسماء أصنامهم ‏(‏ومحياي‏)‏ حياتي ‏(‏ومماتي‏)‏ موتي أي لك ما فيها من سائر أعمالي والجمهور على فتح ياء محياي وسكون ياء مماتي ويجوز الفتح والإسكان فيهما ‏(‏وإليك مآبي‏)‏ أي منقلبي ومرجعي ‏(‏ولك رب تراثي‏)‏ بتاء ومثلثة ما يخلفه الإنسان لورثته من بعده وتاؤه بدل من واو فبين المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بهذا أنه ما يورث وأن ما يخلفه غيره لورثته يخلفه هو صدقة للّه سبحانه وفي الخبر إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما نركناه فهو صدقة‏.‏

‏(‏اللّهم إني أعوذ بك من عذاب القبر‏)‏ استعاذ منه لأنه أول منزل من منازل الآخرة فسأل اللّه أن لا يتلقاه في أول قدم يضعه في الآخرة في قبره عذاب ربه ‏(‏ووسوسة الصدر‏)‏ أي حديث النفس بما لا ينبغي وأضافها للصدر لأن الوسوسة في القلوب التي في الصدور ‏(‏وشتات الأمر‏)‏ أي تفرقته وتشعبه وفي الصحاح أمر شتت بالفتح أي متفرق وقال الزمخشري‏:‏ تقول فرقهم البين المشتت وتفرقوا شتتاً وأشتاتاً‏.‏

‏(‏اللّهم إني أسألك من خير ما تجىء به الرياح وأعوذ بك من شر ما تجىء به الريح‏)‏ سأل اللّه خير المجموعة لأنها للرحمة وتعوذ به من شر المفردة لأنها للعذاب على ما جاء به الأسلوب في كلام علام الغيوب، قال الزمخشري‏:‏ وعين الريح واو لقولهم أرواح ورويحة والعرب تقول لا تلقح السحاب إلا من رياح ويصدقه مجيء الجمع في آيات الرحمة والواحد في قصص العذاب‏.‏

- ‏(‏ت هب عن علي‏)‏ أمير المؤمنين قال كان أكثر ما دعا به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عشية عرفة في الموقف اللّهم إلى آخره قال أعني الترمذي وليس إسناده بقوي‏.‏

1504 - ‏(‏اللّهم عافني في جسدي‏)‏ أي سلمني من المكاره فيه لئلا يشغلني شاغل أو يعوقني عائق عن كمال القيام بعبادتك ‏(‏وعافني في بصري‏)‏ كذلك ‏(‏واجعله الوارث مني‏)‏ بأن يلازمني حتى عند الموت لزوم الوارث لمورثه ‏(‏لا إله إلا اللّه الحليم الكريم سبحان اللّه رب العرش العظيم الحمد للّه رب العالمين‏)‏ أي الوصف بجميع صفات الكمال وسائر نعوت الجمال للّه وحده على كل حال‏.‏

- ‏(‏ت ك عن عائشة‏)‏ ورواه عنها أيضاً البيهقي في الدعوات قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى اّله وسلم يقول فذكرته‏.‏

1505 - ‏(‏اللّهم اقسم لنا‏)‏ أي اجعل لنا قسمة ونصيباً ‏(‏من خشيتك‏)‏ أي خوفك والخشية الخوف أو خوف مقترن بتعظيم ‏(‏ما يحول‏)‏ أي يحجب ويمنع ‏(‏بيننا وبين معاصيك‏)‏ لأن القلب إذا امتلأ من الخوف أحجمت الأعضاء جميعها عن ارتكاب المعاصي وبقدر قلة الخوف يكون الهجوم على المعاصي فإذا قلَّ الخوف جداً واستولت الغفلة كان ذلك من ‏[‏ص 133‏]‏ علامة الشقاء ومن ثم قالوا المعاصي بريد الكفر كما أن القبلة بريد الجماع والغناء بريد الزنا والنظر بريد العشق والمرض بريد الموت وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالعقل والبدن والدنيا والآخرة ما لا يحصيه إلا اللّه ‏(‏ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك‏)‏ أي مع شمولنا برحمتك وليست الطاعة وحدها مبلغة بدليل خبر‏:‏ لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا‏:‏ ولا أنت يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ ولا أنا إلا أن يتغمدني اللّه برحمته ‏(‏ومن اليقين‏)‏ أي وارزقنا من اليقين بك وبأنه لا راد لقضائك وقدرك ‏(‏ما يهون‏)‏ أي يسهل ‏(‏علينا مصائب الدنيا‏)‏ بأن نعلم أن ما قدرته لا يخلو عن حكمة ومصلحة واستجلاب مثوبة وأنك لا تفعل بالعبد شيئاً إلا وفيه صلاحه ‏(‏ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا‏)‏ قال القاضي‏:‏ الضمير في اجعل للمصدر اجعل الجعل والوارث هو المفعول الأول، ومنا في محل المفعول الثاني بمعنى اجعل الوارث من نسلنا لا كلالة خارجة عنا أو الضمير للتمتع ومعناه اجعل تمتعنا بها باقياً عنا موروثاً لمن بعدنا أو محفوظاً لنا ليوم الحاجة وهو المفعول الأول والوارث مفعول ثان ومنا صلة أو الضمير لما سبق من الأسماع والأبصار والقوة وإفراده وتذكيره وتأنيثه بتأويل المذكور ومعنى وراثتها لزومها له عند موته لزوم الوارث له ‏(‏واجعل ثأرنا على من ظلمنا‏)‏ أي مقصوراً عليه ولا تجعلنا ممن تعدى في طلب ثأره فأخذ به غير الجاني كما في الجاهلية أو اجعل إدراك ثأرنا على من ظلمنا فندرك به ثأرنا ‏(‏وانصرنا على من عادانا‏)‏ أي ظفرنا عليه وانتقم منه ‏(‏ولا تجعل مصيبتنا في دينينا‏)‏ أي لا تصيبنا بما ينقص ديننا من أكل حرام واعتقاد سوء وفترة في عبادة ‏(‏ولا تجعل الدنيا أكبر همنا‏)‏ فإن ذلك سبب للّهلاك وفي إفهامه أن قليل الهم بما لا بد منه من أمر المعاش مرخص فيه بل مستحب ‏(‏ولا مبلغ علمنا‏)‏ بحيث تكون جميع معلوماتنا الطرق المحصلة للدنيا والعلوم الجالية لها بل ارزقنا علم طريق الآخرة ‏(‏ولا تسلط علينا من لا يرحمنا‏)‏ أي لا تجعلنا مغلوبين للظلمة والكفرة أو لا تجعل الظالمين علينا حاكمين أو من لا يرحمنا من ملائكة العذاب في القبر والنار وغيرهما ذكره كله القاضي‏.‏ قال الطيبي‏:‏ فإن قلت بين لي تأليف هذا النظم وأي وجه من الوجوه المذكورة أولى قلت أن تجعل الضمير للتمتع والمعنى اجعل ثأرنا مقصوراً على من ظلمنا ولا تجعلنا ممن تعدى في طلب ثأره وتحمل من لا يرحمنا علي ملائكة العذاب في القبر وفي النار لئلا يلزم التكرار فتقول إنما خص البصر والسمع بالتمتع من الحواس لأن الدلائل الموصلة إلى معرفته تعالى وتوحيده إنما تحصل من طريقهما لأن البراهين إنما تكون مأخوذة من الآيات المنزلة وذلك بطريق السمع أو من الآيات المقصوصة في الآفاق والأنفس وذلك بطريق البصر فسأل التمتع بهما حذراً من الانخراط في سلك الذين ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولما حصلت المعرفة ترتب عليها العبادة فسأل القوة ليتمكن بها من عبادة ربه ثم إنه أراد أن لا ينقطع هذا الفيض الإلهي عنه لكونه رحمة العالمين فسأل بقاء ذلك ليستن بسنته بعده فقال‏:‏ واجعل ذلك التمتع وارثاً باقياً منا‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏ك‏)‏ وقال صحيح على شرط البخاري ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال‏:‏ ‏:‏قلما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهذه الدعوات قال الترمذي حديث حسن وأقره النووي ورواه عنه أيضاً النسائي وفيه عبد اللّه بن زجر ضعفوه قال في المنار فالحديث لأجله حسن لا صحيح‏.‏

1506 - ‏(‏اللّهم انفعني بما علمتني‏)‏ بالعمل بمقتضاه خالصاً لوجهك ‏(‏وعلمني ما ينفعني‏)‏ لأرتقي منه إلى عمل زائد على ذلك ‏[‏ص 134‏]‏ ‏(‏وزدني علماً‏)‏ مضافاً إلى ما علمتنيه وهذه إشارة إلى طلب المزيد في السير والسلوك إلى أن يوصله إلى مخدع الوصال وبه ظهر أن العلم وسيلة للعمل وهما متلازمان ومن ثم قالوا‏:‏ ما أمر اللّه رسوله بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم ‏(‏الحمد للّه على كل حال‏)‏ من أحوال السراء والضراء وكم يترتب على الضراء من عواقب حميدة ومواهب كريمة يستحق الحمد عليها ‏{‏وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم‏}‏ قال في الحكم‏:‏ من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذاك لقصور نظره‏.‏ وقال الغزالي‏:‏ لا شدة إلا وفي جنبها نعم للّه فليلزم الحمد والشكر على تلك النعم المقترنة بها قال عمر رضي اللّه تعالى عنه‏:‏ ما ابتليت ببلية إلا كان للّه عليّ فيها أربع نعم إذ لم تكن في ديني وإذ لم أحرم الرضا وإذ لم تكن أعظم وإذ رجوت الثواب عليها‏.‏ وقال إمام الحرمين‏:‏ شدائد الدنيا مما يلزم العبد الشكر عليها لأنها نعم بالحقيقة بدليل أنها تعرض العبد لمنافع عظيمة ومثوبات جزيلة وأغراض كريمة تتلاشى في جنبها شدائد ‏(‏وأعوذ باللّه من حال أهل النار‏)‏ في النار وغيرها‏.‏ قال الطيبي‏:‏ وما أحسن موقع الحمد في هذا المقام ومعنى المزيد فيه ‏{‏ولئن شكرتم لأزيدنكم‏}‏ وموقع الاستعاذة من الحال المضاف إلى النار تلميحاً إلى القطيعة والبعد وهذا الدعاء من جوامع الكلم التي لا مطمح وراءها‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏ه‏)‏ في السنة والدعاء ‏(‏ك‏)‏ في الأدعية ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وقال الترمذي غريب‏.‏ قال المناوي‏:‏ وفيه موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن الزهري وموسى ضعفه النسائي وغيره ومحمد بن ثابت لم يروه عنه غير موسى ‏(‏ه‏)‏ قال الذهبي مجهول‏.‏

1507 - ‏(‏اللّهم اجعلني أعظم شكرك‏)‏ أي وفقني لإكثاره لأكون قائماً بما وجب علي من شكر نعمائك التي لا تحصى ‏(‏وأكثر ذكرك‏)‏ القلبي واللساني ‏(‏وأتبع نصيحتك‏)‏ بامتثال ما يقربني إلى رضاك ويبعدني عن غضبك ‏(‏وأحفظ وصيتك‏)‏ بالمداومة على فعل المأمورات وتجنب المنهيات أو المذكورة في قوله تعالى ‏{‏ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم‏}‏ الآية فإنها للأولين والآخرين وهي التقوى أو بالتسليم للّه العظيم في جميع الأمور والرضا بالمقدور على ممر الدهور‏.‏

- ‏(‏ت عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً أحمد من طريق أبي سعيد المدني قال الهيثمي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات‏.‏

1508 - ‏(‏اللّهم إني أسألك‏)‏ أطلب منك ‏(‏وأتوجه إليك بنبيك محمد‏)‏ صرح باسمه مع ورود النهي عنه تواضعاً لكون التعليم من جهته ‏(‏نبي الرحمة‏)‏ أي المبعوث رحمة للعالمين ‏(‏يا محمد إني توجهت بك‏)‏ أي استشفعت بك ‏(‏إلى ربي‏)‏ قال الطيبي‏:‏ الباء في بك للاستعانة وقوله إني توجهت بك بعد قولك أتوجه إليك فيه معنى قوله تعالى ‏{‏من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه‏}‏ ‏(‏في حاجتي هذه لتقضى لي‏)‏ أي ليقضيها ربي لي بشفاعته، سأل اللّه أولاً أن يأذن لنبيه أن يشفع له ثم أقبل على النبي ملتمساً شفاعته له ثم كر مقبلاً على ربه أن يقبل شفاعته والباء في بنبيك للتعدية وفي بل للاستعانة وقوله ‏(‏اللّهم فشفعه في‏)‏ أي اقبل شفاعته في حقي ولتقضى عطف على أتوجه إليك بنبيك أي اجعله شفيعاً لي فشفعه وقوله اللّهم معترضة وما ذكر من أن سياق الحديث هو هكذا هو ما في نسخ الكتاب ووجهه ظاهر وفي المشكاة كأصلها لتقضي لي حاجتي وعليه قال الطيبي‏:‏ إن قلت ما معنى لي وفي‏؟‏ قلت معنى لي كما في قوله تعالى ‏{‏رب اشرح لي صدري‏}‏ أجمل أولاً ثم فصل ليكون أوقع في النفس، ومعنى في كما في قول الشاعر‏:‏ * يجرح في عراقيبها نصلي * أي أوقع القضاء في حاجتي واجعلها مكاناً له ونظير الحديث قوله تعالى ‏{‏وأصلح لي في ذريتي‏}‏ انتهى‏.‏ قال ابن عبد السلام‏:‏ ينبغي كون هذا مقصوراً على ‏[‏ص 135‏]‏ النبي لأنه سيد ولد آدم وأن لا يقسم على اللّه بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته وأن يكون مما خص به تنبيهاً على علو رتبته وسمو مرتبته‏.‏ قال السبكي‏:‏ ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف-‏[‏أما بشأن قوله أنه لم ينكر التوسل أحدا من السلف، فيكفي عليه دليلا رواية الترمذي وابن ماجه والحاكم لهذا الحديث، وحكم الحاكم أنه صحيح على شرط البخاري ومسلم، وتلقي الأمة له بالقبول والتطبيق مئات من السنين، دون أي تردد في ذلك القبول‏.‏

أما بشأن صحة إمكان استعمال هذا الدعاء على ممر الأجيال، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أجل وأصوب حكم حول ذلك الأمر ‏(‏الذي هو من أمور العقيدة‏)‏، بلا منازع على الإطلاق هو الصحابي عثمان بن حنيف نفسه، حيث قد علمه أيضا لأحدهم أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه، وقضيت حاجته، وكان هذا سببا لرواية الحديث، فليتنبه‏.‏ ولا عبرة لكلام من خالف الصحابة في أمور العقيدة، كانوا من كانوا، وإن كان لهم في أمور أخرى، إسهام وفضل كبيرين على الأمة الإسلامية كابن تيمية رحمه الله وتجاوز عنا وعنه أخطاءنا برحمته، آمين‏.‏ دار الحديث‏]‏ ولا من الخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يقله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثله انتهى وفي الخصائص يجوز أن يقسم على اللّه وليس به ذلك لأحد ذكره ابن عبد السلام لكن روى القشيري عن معروف الكرخي أنه قال لتلامذته إذا كان لكم إلى اللّه حاجة فأقسموا عليه به فإني الواسطة بينكم وبينه الآن وذلك بحكم الوراثة عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

- ‏(‏ت ه ك عن عثمان بن حنيف‏)‏ بمهملة ونون مصغر بن وهب الأنصاري الأوسي المدني شهد أحداً وما بعدها ومسح سواد العراق وقسط وولى البصرة لعليّ وكان من الأشراف قال‏:‏ إن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال ادعوا اللّه أن يعافيني فقال إن شئت أخرت لك وهو خير وإن شئت دعوت قال فادعه فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويدعوا بهذا الدعاء قال الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي‏.‏

‏[‏1509 - ‏(‏اللّهم إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني‏)‏ أي نطقي فإن أكثر الخطايا منه وهو الذي يورد المرء في المهالك وخص هذه الجوارح لما أنها مناط الشهوة ومثار اللذة ‏(‏ومن شر قلبي‏)‏ يعني نفسي والنفس مجمع الشهوات والمفاسد بحب الدنيا والرهبة من الخلق وخوف فوت الرزق والأمراض القلبية من نحو حسد وحقد وطلب رفعة وغير ذلك ‏(‏ومن شر منيي‏)‏ من شر شدة الغلمة وسطوة الشهوة إلى الجماع الذي إذا أفرط ربما أوقع في الزنا أو مقدماته لا محالة فهو حقيق بالاستعاذة من شره وخص هذه الأشياء بالاستعاذة لأنها أصل كل شر وقاعدته ومنبعه كما تقرر‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ وكذا الترمذي خلافاً لما يوهمه كلام المصنف من تفرد ابن داود عن السنة ‏(‏ك‏)‏ كلهم ‏(‏عن شكل‏)‏ بشين معجمة وكاف مفتوحتين ابن حميد العبسي له صحبة ولم يرو عنه إلا ابنه‏.‏ قال البغوي‏:‏ ولا أعلم له غير هذا الحديث قال شكل قلت يا رسول اللّه علمني تعوّذاً أتعوذ به فأخذ بكفي فذكره قال الترمذي حسن غريب‏.‏

1510 - ‏(‏اللّهم عافني في بدني‏)‏ من الأسقام والآلام ‏(‏اللّهم عافني في سمعي‏)‏ أي القوة المودعة في الجارحة وإرادة الاستماع بعيدة ‏(‏اللّهم عافني في بصري‏)‏ خصهما بالذكر بعد ذكر البدن لأن العين هي التي تنظر آيات اللّه المثبتة في الآفاق والسمع يعني الآيات المنزلة فهما جامعان لدرك الآيات العقلية والنقلية وإليه سر قوله في حديث آخر اللّهم أمتعنا بأسماعنا وأبصارنا ‏(‏اللّهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللّهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت‏)‏ فلا يستعاذ من جميع المخاوف والشدائد إلا بك أنت والقصد باستعاذته من الكفر مع استحالته من المعصوم أن يقتدي به في أصل الدعاء وقرن الفقر بالكفر لأنه قد يجر إليه‏.‏

- ‏(‏د ك عن أبي بكرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً النسائي في اليوم والليلة وقال أعني النسائي فيه جعفر بن ميمون ليس بقوي‏.‏

1511 - ‏(‏اللّهم إني أسألك عيشة‏)‏ بكسر العين حياة ‏(‏نقية‏)‏ أي زكية راضية مرضية ‏(‏وميتة‏)‏ بكسر الميم وسكون التحتية وهي ‏[‏ص 136‏]‏ حالة الموت ‏(‏سوية‏)‏ بفتح فكسر مشدداً أي معتدلة فلا أرد إلى أرذل العمر ولا أقاسي مشاق الهرم، وفي الصحاح استوى اعتدل واستوى الرجل انتهى شبابه‏.‏ وقال الزمخشري رحمه اللّه‏:‏ تقول رزقك اللّه ولداً سوياً لا داء به ولا عيب و ‏{‏مكاناً سوى‏}‏ وسط بين الحديث ‏(‏ومرداً غير مخز‏)‏ بضم الميم وبالزاي أي مرتجعاً إلى الآخرة غير مخز بضم فسكون وفي رواية مخزي بإثبات الياء المشددة أي غير مذل ولا موقع في بلاء‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ تقول ارتد هبته ارتجعها وخزي خزياً ومخزاه ذل ‏(‏ولا فاضح‏)‏ أي كاشف للمساوي والعيوب وفي الصحاح فضحه كشف مساويه‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ تقول إذا كان العذر واضحاً كان العتاب فاضحاً وهذا الدعاء قطعة من دعائه يومي العبد كما رواه الطبراني عن ابن مسعود‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده واللفظ له ‏(‏طب ك‏)‏ من حديث خلاد بن يزيد الجعفي عن شريك عن الأعمش عن مجاهد ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يدعو به قال الحاكم على شرط مسلم وتعقبه الذهبي فقال‏:‏ خلاد ثقة لكن شريك ليس بحجة انتهى‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ إسناد الطبراني جيد‏.‏

1512 - ‏(‏اللّهم إن قلوبنا وجوارحنا بيدك‏)‏ أي في تصرفك تقلبها كيف تشاء ‏(‏لم تملكنا منها شيئاً فإذا‏)‏ وفي نسخ فإن بالنون ‏(‏فعلت ذلك بهما فكن أنت وليهما‏)‏ أي متولياً حفظهما وتصريفهما المتصرف فيهما في مرضاتك وإبعادهما عن مواقع سخطك ومهالك مخالفتك‏.‏

- ‏(‏حل عن جابر‏)‏‏.‏

1513 - ‏(‏اللّهم اجعل لي في قلبي نوراً‏)‏ أي عظيماً كما يفيده التنكير ويدل له خبر إذا سأل أحدكم ربه فليعظم المسألة ‏(‏وفي لساني‏)‏ يعني نطقي ‏(‏نوراً‏)‏ استعارة للعلم والهداية فهو على وزان ‏{‏فهو على نور من ربه‏}‏،‏{‏وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس‏}‏ ‏(‏وفي بصري نوراً‏)‏ ليتحلى بأنوار المعارف وتتجلى له صفوف الحقائق فهو راجع إلى البيان والهداية ‏{‏يهدي اللّه لنوره من يشاء‏}‏ ‏(‏وفي سمعي نوراً‏)‏ ليصير مظهراً لكل مسموع ومدركاً لكل كمال لا مقطوع ولا ممنوع وخص القلب والسمع والبصر بنفي الظرفية لأن القلب مقر الفكر في آلاء اللّه ونعمائه ومكانها ومعدنها والبصر مسارح آيات اللّه المنصوبة المبثوثة في الآفاق والأنفس ومحلها والأسماع مراسي ألواح وحي اللّه ومحط آياته المنزلة على أوليائه ‏(‏وعن يميني نوراً وعن يساري نوراً‏)‏ خصهما بعن إيذاناً بتجاوز الأنوار عن قلبه وسمعه وبصره إلى من عن يمينه وشماله من اتباعه ‏(‏ومن فوقي نوراً ومن تحتي نوراً وعن أمامي نوراً ومن خلفي نوراً‏)‏ لأكون محفوفاً بالنور من سائر الجهات فكأنه سأل أن يزج به في النور زجاً لتتلاشى عنه الظلمات وتنكشف له المعلومات ويشاهد بكل جارحة منه بسائر المبصرات‏.‏ وقال الأكمل‏:‏ النور الذي عن يمينه هو المريد له والذي عن يساره نور الوقاية والذي خلفه الذي يسعى بين يديه اتباعه والذي فوقه تنزل روحي إلهي بعلم غريب لم يسبقه خبر ولا نظر يعطيه نظر وهو الذي يعطى من العلم باللّه ما لا ترده الأدلة العقلية إذا لم يكن لها إيماني نوراني ‏(‏واجعل لي في نفسي نوراً‏)‏ عطف عام على خاص أي اجعل لي نوراً شاملاً للأنوار السابقة وغيرها ‏(‏وأعظم لي نوراً‏)‏ أي أجزل من عطائك نوراً عظيماً لا يكتنه كنهه ‏[‏ص 137‏]‏ لأكون دائم السير والترقي في درجات المعارف فالمستنير بنور المعارف لا ينقطع مسيره ولا يضل سبيله فالقصد طلب مزيد النور ليدوم السير ويتضاعف الترقي وقيل أراد نوراً عظيماً جامعاً للأنوار كلها التي ذكرها وغيرها كأنوار الأسماء الإلهية وأنوار الأرواح وقال الطيبي رحمه اللّه معنى طلب النور للأعضاء عضواً عضواً أن يتحلى بأنوار المعرفة والطاعة ويتعرى عن الظلمة الجهالة والمعصية لأن الإنسان ذو سهو وطغيان رأى أنه قد أحاطت به خطيئة ظلمات الحيلة معتورة عليه من فرقه إلى قدمه والأدخنة الثائرة من ميزان الشهوات من جوانبه ورأى الشيطان يأتيه من الجهات الست بوساوسه وشبهاته ظلمات بعضها فوق بعض لم ير للتخليص منها مساغاً إلا بأنوار سادة لتلك الجهات فسأل اللّه أن يمده بها ليستأصل مسافة تلك الظلمات إرشاداً للأمة وتعليماً لهم وكل هذه الأنوار راجعة إلى هداية وبيان وضياء للحق وإلى مطالع هذه الأنوار قوله ‏{‏اللّه نور السماوات والأرض - إلى قوله - نور على نور يهدي اللّه لنوره من يشاء‏}‏ وإلى أودية تلك الظلمات تلمح قوله ‏{‏أو كظلمات في بحر لجي - إلى قوله - ظلمات بعضها فوق بعض‏}‏ وقوله ‏{‏ومن لم يجعل اللّه له نوراً فما له من نور‏}‏ اللّهم إنا نعوذ بك من شر تلك الظلمات ونسألك هذه الأنوار‏.‏

- ‏(‏حم ق عن ابن عباس‏)‏‏.‏

1514 - ‏(‏اللّهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري‏)‏ أي الذي هو حافظ لجميع أموري فإن من فسد دسنه فسدت جميع أموره وخاب وخسر في الدنيا والآخرة ‏(‏وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي‏)‏ أي بإعطاء الكفاف فيما يحتاج غليه وكونه حلالاً معيناً على الطاعة ‏(‏وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي‏)‏ أي ما أعود إليه يوم القيامة وهو إما مصدر أو ظرف ذكره ابن الأثير قال الحرالي‏:‏ قد جمع في هذه الثلاثة صلاح الدنيا والدين والمعاد وهي أصول مكارم الأخلاق التي بعث لإتمامها فاستقى في هذا اللفظ الوجيز صلاح هذه الجوامع الثلاث التي حلت في الأولين بداياتها وتمت عند غاياتها فإصلاح الدين بالتوفيق لإظهار خطاب ربه من جهة أحوال قلبه وأخلاق نفسه وأعمال بدنه فيما بينه وبين ربه من غير التفات لعرض النفس والبدن إلا بالتطهر منه واستعمال الحلال الذي تصلح النفس والبدن عليه لموافقته لتقويتها وإصلاح المعاد بخوف الزجر والنهي التي لا تصلح الآخرة إلا بالتطهر منه لبعده عن حسناها وخوف الأمر الذي تصلح الآخرة عليه لتقاضيه لحسناها والمقصود بالزجر والنهي الردع عما يضر في المعاد إلا أن الردع على وجهين خطاب لمعرض ويسمى زجراً كما يسمى في حق البهائم وخطاب المعتل على التفهم ويسمى نهياً فكان الزجر يزيغ الطبع والنهي يزيغ العقل انتهى ‏(‏واجعل الحياة زيادة لي في كل خير‏)‏ أي اجعل حياتي زيادة سبب طاعتي ‏(‏واجعل الموت راحة لي من كل شر‏)‏ أي اجعل موتي سبب خلاصي من مشقة الدنيا والتخلص من غمومها وهمومها لحصول الراحة‏.‏ قال الطيبي‏:‏ وهذا الدعاء من جوامع الكلم‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

1515 - ‏(‏اللّهم إني أسألك الهدى‏)‏ أي الهداية إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، والتقى الخوف من اللّه والحذر من مخالفته والعفاف الصيانة عن مطامع الدنيا والغنى غنى النفس والاستغناء عن الناس‏.‏ قال الطيبي‏:‏ أطلق الهدى والتقى ليتناول كل ما ينبغي أن يهدى إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق وكلما يجب أن يتقى منه من شرك ومعصية وخلق ديني‏.‏